إنها قصة مؤثرة ،
يرويها أحد الغيورين على دين الله ، يقول :
خرجت ذات يوم بسيارتي
لقضاء بعض الأعمال ، وفي إحدى الطرق الفرعية الهادئة قابلني شاب يركب سيارة صغيرة
لم يرني ، لأنه كان مشغولاً بملاحقة بعض الفتيات في تلك الطرق الخالية من المارة .
كنتُ مسرعاً فتجاوزته
، فلما سرتُ غيرَ بعيد قلتُ في نفسي :
أأعودُ وأنصح ذلك
الشاب ؟ أم أمضي في طريقي وأدعهُ يفعل ما يشاء ؟
وبعد صراع داخلي دام
عدة ثوانٍ فقط اخترتُ الأمرَ الأول .
عُدتُ ثانية ، فإذا
به قد أوقفَ سيارته وهو ينظر إليهن ، ينتظر منهن نظرة أو التفاتة ، فدخلن أحد
البيوت
.
أوقفتُ سيارتي بجوار
سيارته ، نزلتُ من سيارتي واتجهتُ إليه ، سلمتُ عليهِ أولاُ ، ثم نصحته فكان مما
قلته له : " تخيل أن هؤلاء الفتيات أخواتك أو بناتك أو قريباتك فهل ترضى
لأحدٍ من الناس أن يلاحقهن أو يؤذيهن ؟ "
كنتُ أتحدث إليه وأنا
أشعر بشيء من الخوف ، فقد كان شاباً ضخماً ممتلئ الجسم ، كان يستمع إلي وهو مطرِق
الرأس ، لا ينبَس ببنتِ شفة .
وفجأة ، التفت إلي ،
فإذا بدمعة قد سالت على خده ، فاستبشرتُ خيراً ، وكان دافعاُ لي لمواصلة النصيحة ،
لقد زال الخوف مني تماماً ، وشددتُ عليه في الحديث حتى رأيت أني قد أبلغتُ في
النصيحة
.
ثم ودّعته ، لكنه
استوقفني ، وطلب مني أن أكتب له رقم هاتفي وعنواني ، وأخبرني أنه يعيش فراغاً
نفسياً قاتلاً ، فكتبتُ له ما أراد .
وبعد أيام جاءني في
البيت وقد تغير وجهه وتبدلت ملامحه ، فقد أطلقَ لحيته وشع نور الإيمان من وجهه .
جلستُ معه ، فجعل
يحدثني عن تلكَ الأيام التي قضاها في " التسكع " في الشوارع والطرقات
وإيذاء المسلمين والمسلمات ، فأخذتُ أخفف عنه وأخبره بأن اللهَ واسع المغفرة
وتلوتُ عليه قوله تعالى : " قُل يا عبادي الذين أسرفوا على أَنفُسِهِم لا
تَقنَطوا من رحمَةِ الله إنّ اللهَ يغفِرُ الذنوبَ جميعاً إنّه هوَ الغفورُ الرحيم " .
فانفرجت أسارير وجهه
واستبشر خيراً ، ثم ودعني وطلب مني أن أردّ الزيارة ، فهو بحاجة إلى من يعينه على
السير في الطريق المستقيم ، فوعدته بالزيارة .
مضت الأيام وشُغِلتُ
ببعض مشاغل الحياة الكثيرة ، وجعلتُ أسوف في زيارته .
وبعد عدة أيام وجدتُ
فرصة وذهبت لزيارته .
طرقتُ الباب ، فإذا
بشيخٍ كبير يفتح الباب ، وقد ظهرت عليه آثار الحزن والأسى ، إنه والده .
سألته عن صاحبي :
أطرق إلى الأرض ، وصمتَ برهة ، ثم قال بصوتٍ خافت : " يرحمه الله ويغفر له
" ثم استطردَ قائلاً : " حقاًّ إن الأعمالَ بالخواتيم " .
ثم أخذ يحدثني عن
حاله وكيف أنه كان مفرِّطاً في جنبِ الله ، بعيداً عن طاعته ، فمنّ الله عليه
بالهداية قبلَ موتِهِ بأيام ، لقد تداركه الله برحمته قبل فوات الأوان .
ليست هناك تعليقات:
الأبتساماتأخفاء الأبتسامات