شغلت مسألة
الرّوح عقول النّاس و تفكيرهم منذ القدم ، فكان النّاس يعتقدون بوجود شيء ٍلا
يعلمون كنهه يجعل الأجساد حيّةً مادام فيها فإذا خرج منها ماتت تلك الأجساد و
تحلّلت ، و هناك بعض المعتقدات الغريبة عند بعض الأقوام الذين يؤمنون بعقيدة تناسخ
الأرواح حيث تنتقل الرّوح من جسدٍ إلى آخر عند الموت .
و عندما بدأ
الله سبحانه و تعالى خلق آدم بيده نفخ فيه من روحه و أمر الملائكة بالسّجود له ،
لذلك قد أعلى الله سبحانه و تعالى قيمة روح الإنسان فجعلها مكرّمةً و هي أمانةٌ
عند العبد فلا يجوز له التّخلص منها بل إنّ أمر تقرير مصيرها راجعٌ لله وحده ،
لذلك كانت عقوبة المنتحر في النّار ، و قد بيّن النّبي صلّى الله عليه و سلّم
كيفيّة خلق الإنسان و بثّ الرّوح فيه حيث يجمع في بطن أمّه أربعين يوماً نطفةً ثمّ
يكون علقةً أربعين يوماً أيضاً ثمّ يكون علقةً أربعين يوماً ، ثمّ يبعث الله تعالى
له الملك فينفخ فيه الرّوح و يأمر بكتب ثلاثة رزقه و أجله و شقيّ أو سعيد ، و منذ
هذه اللحظة تصبح الرّوح مصانةً محفوظةً لها كرامتها و حقّها في العيش الكريم و
الحريّة .
و إنّ
الأرواح كما بيّن النّبي صلّى الله عليه و سلّم تختلف عن بعضها في صفاتها و
أحوالها و قد شبّهها النّبي الكريم بالجنود المجنّدة التي قد تتعارف مع بعضها
فتأتلف أو قد تتناكر و تتنافر فتختلف ، و هذا الأمر نلمسه واقعاً في حياتنا حين
نتعرف على النّاس و نختلط بهم و ندرك أنّ هناك أشخاصاً نرتاح إليهم و أشخاصاً ننفر
منهم و ننزعج .
و قد تكلّم
العلماء عن كيفيّة خروج الرّوح من الجسد ، و هي حقيقةً مسألةٌ غيبيّةٌ لا يعلمها
إلا الله سبحانه و تعالى و إن كان هناك حديثٌ عن الرّسول صلّى الله عليه و سلّم
بأنّ روح المؤمن حين موته تخرج بسهولةٍ و يسرٍ كما تهبط قطرة الماء من فم السّقاء
، بينما روح الكافر تخرج بصعوبةٍ بالغةٍ و تتفرق في جسده و شبّه خروجها كما يخرج
الشّوك المنحني من داخل الصّوف ، و عندما سئل النّبي عليه الصّلاة و السّلام عن
الرّوح ، نزل قوله تعالى ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ
أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً) .
ليست هناك تعليقات:
الأبتساماتأخفاء الأبتسامات